حكايات| «ايزادورا».. شهيدة الحب في «تونا الجبل» 

مقبرة تونا الجبل
مقبرة تونا الجبل

كتب حمد الترهوني

«إيزادورا» فتاة جميلة يعني اسمها «هبة ايزيس» فتاة مصرية عمرها 18 سنة، رائعة الجمال عاشت فى مصر في القرن الثاني بعد الميلاد «120 ميلاديًا» في عصر الإمبراطور هادريان، وتحمل المقبرة رقم واحد بين مقابر منطقة «تونا الجبل».

و«ايزادورا» ابنة أسرة إغريقية كانت تعيش فى مصر فى مدينة أنتنيوبولس «الشيخ عبادة حالياً»، وكان أبوها حاكما للإقليم المعروف حالياً بمحافظة المنيا، وكان قصره الكبير موجودا فى مدينة أنتنيوبولس حيث يطل على النيل.

وقعت الفتاة الجميلة في حب الضابط المصري «حابي» الذى كان يعيش على الجانب الغربى من النيل فى مدينة خمنو «الأشمونين» حالياً، وكان من قوات الحراسة الموجودة فى المدينة، ومن ثم يعتبر شخصا عاديًا من أبناء عامة الشعب المصري، ولم يكن من علية القوم، فلا يوجد أي وجه للمقارنة بينهما من حيث المستوى، رغم ذلك قال الحب كلمته وساقها القدر لتقابل حبيبها.

 

 

 

 

 

خرجت «ايزادورا» من مدينتها عبر النهر لتحضر أحد الاحتفالات الخاصة بـ«تحوتي» رمز الحكمة والقلم فى مصر القديمة، وهناك قابلت الضابط حابى فتعلقت به وافتتن بها، حتى أنهما كانا يتقابلان كل يوم وكل ليلة، فكانت تذهب إليه عند البحيرة، وكان يأتى إليها بجوار قصر أبيها.

ويشار  إلى أنه بعد ثلاث سنوات من الحب الصادق علم أبوها بذلك، وقرر أن يمنعه، ففي قانونه وعرفه لا يجب أن ترتبط ابنته ذات الأصول الإغريقية بشاب مصري، وأبلغ الحراس بتتبعها، وأن يمنعوا ذلك الشاب من مقابلتها.

 


وبالفعل كان تضييق الخناق عليها حتى قررت هى أن الحياة دون حبيبها لا معنى لها فقررت الانتحار، لكن كان يجب أن تراه للمرة الأخيرة، وبالفعل تمكنت من مغافلة حراستها وذهبت إلى ذات المكان عند البحيرة ولم تخبره بما همت أن تفعله وهو الانتحار.


ودعته وذهبت، حتى إذا بلغت منتصف النهر ألقت بنفسها فى أحضان النيل.


وقيل إن الحب والشوق دفعها إلى الوصول فطاردها الحراس مما أربك جلوسها فى القارب فاختل توازنها لثقل «المجداف» على يديها الصغيرتين فسقطت فى النيل وماتت.

 

وندم أبوها أشد الندم على ما فعله بابنته، فبنى لها مقبرة جميلة وكتب بها مرثيتين، احداهما:- «أيتها الصغيرة الجميلة، أيتها الطيبة البريئة، والزهرة الناضرة، التي ذبلت في ربيع العمر، يا ملاكي الطاهر الذى رحل دون وداع»، آخر ما دون باليونانية على جدران مقبرة تقع بقرية تونا الجبل بمحافظة المنيا، التي تضم رفات الأميرة إيزادورا، أول شهيدة للحب في التاريخ، وكانت هذه الكلمات من رثاء الأب الذي حرم أميرته الصغيرة من حق الحب والحياة.  


 أما حبيبها فكان مخلصا ووفيا فكان يذهب كل ليلة يشعل شمعة بداخل مقبرتها حتى لا تبقى روحها وحيدة.


والجدير بالذكر عندما علم عميد الأدب العربي طه حسين بقصتها بنى استراحة بمنطقة تونا الجبل بجوارها مقبرتها وكتب لها رواية كبيرة تحمل اسم «إيزادورا شهيدة الحب»، وكان كل يوم أثناء إقامته يوقد لها شمعة مثلما كان يفعل حبيبها حابى بل كتب فى هذه الاستراحة روايته الشهيرة دعاء الكروان، وذكر أنه مثلت بعض لقطات الفليم فى استراحة د. سامى جبرة، عالم المصريات المصرية، الذى أعطى له طه حسين، المال اللازم عندما كان وزيراً للمعارف ليكمل حفائرة فى تونا الجبل.